للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (ولا مكاشفة حالٍ)، مكاشفة الحال: هي المواجيد التي يجدها السالك بوارداته، حتّى يبقى الحكم لقلبه وحاله.

قوله: (وهي مكاشفةٌ لا تَذَر سِمةً تشير إلى التذاذه)، يريد: أنّ هذه المكاشفة تمحو رسومَ المكاشف، فلا يبقى منه ما يحسُّ بلذّةٍ، فإنّ الأحوال والمواجيد لها لذّةٌ عظيمةٌ، أضعاف اللّذّة الحسِّيّة، فإنّ لذَّاتها (١) روحانيّةٌ قلبيّةٌ، والمكاشفة العينيّة تُغيِّب المكاشفَ عن إدراك تلك اللّذّة. والسِّمة هي العلامة، فالمعنى: أنّ هذه المكاشفة لا تَذَرُ له (٢) علامةً تدلُّه على لذّةٍ.

قوله: (أو تُلجِئ إلى توقُّفٍ) (٣)، يعني: لا تَذَرُ منه بقيّةً تُلجِئه إلى وقفةٍ، فإنّ البقيّة التي تبقى على السّالك من نفسه هي التي تُلجِئه إلى التّوقُّف في سيره.

قوله: (ولا تُنزِل على ترسُّم)، أي: لا تُنزِل هذه المكاشفة على من بقي فيه رسمٌ، فإنَّ رسمه حجابٌ بينه وبين هذه المكاشفة، فإنّها بمنزلة نور الشمس، فلا تنزل في بيتٍ عليه سقفٌ حائلٌ، فإنّ الرسم عند القوم هو الحجاب بينهم وبين مطلوبهم، والرسم هو النفس وأحكامها وصفاتها.

وهذه المكاشفة إذا قويت واستحكمت صارت مشاهدةً، ولذلك قال: (وغاية هذه المكاشفة هو مقام المشاهدة).

* * * *


(١) «لذاتها» مكررة في ش، د.
(٢) د: «لا تدركه».
(٣) ش، د: «موقف».

<<  <  ج: ص:  >  >>