للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن بقيت نكتةٌ عظيمةٌ، وهي موضع (١) السّجدة، وهي أنّ فناءهم لم يكن في توحيدِ الرُّبوبيّة وشهودِ الحقيقة التي يشير إليها أرباب الفناء، بل في توحيد الإلهيّة. ففَنُوا بحبِّه تعالى عن حبِّ ما سواه، وبمراده منهم عن مرادهم وحظوظهم، فلم يكونوا عاملين على فناءٍ ولا استغراقٍ في الشُّهود، بحيث يَفْنَوا (٢) به عن مراد محبوبهم منهم، بل قد فَنُوا بمراده عن مرادهم، فهم أهل بقاءٍ، وفرقٍ في جمعٍ، وكثرةٍ في وحدةٍ، وحقيقةٍ كونيّةٍ في حقيقةٍ دينيّةٍ.

هم القومُ لا قومَ إلّا هُمُ ... ولولاهُمُ ما اهتدينا السَّبيلا (٣)

فنسبة أحوالهم إلى أحوالِ من بعدهم الصّحيحة الكاملة: كنسبة ما يَرشَح من الظّرف والقِرْبة إلى ما في داخلها.

وأمّا المنحرفة الفاسدة فسبيلٌ غير سبيلهم، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

* * * *


(١) د: «مواضع».
(٢) كذا في الأصول بحذف النون.
(٣) لم أجد البيت في المصادر، ولعله للمؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>