للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجابوا عنه بأنّ الميِّت ينقطع عملُه بموته وتقرُّبه. فلا يُتصوّر في حقِّه الإيثار بالقرب بعد الموت، إذ لا تقرُّبَ في حقِّ الميِّت. وإنّما هذا إيثارٌ بمسكنٍ شريفٍ فاضلٍ لمن هو أولى به منه، فالإيثار به قربةٌ إلى الله للمؤثر.

فصل

قال (١): (ولا يُستطاع إلّا بثلاثة أشياء: بتعظيم الحقوق، ومَقْتِ الشُّحِّ، والرّغبةِ في مكارم الأخلاق).

ذَكر ما يُعِين على الإيثار ويبعث عليه، وهو ثلاثة أشياء:

تعظيم الحقوق، فإنّ من عظُمت الحقوق عنده قام بواجبها، ورعاها حقَّ رعايتها، واستعظمَ إضاعتَها، وعلمَ أنّه إن لم يبلغ درجةَ الإيثار لم يُؤدِّها كما ينبغي، فيجعل إيثاره احتياطًا لأدائها.

الثّاني: مَقْتُ الشُّحِّ، فإنّه إذا مَقتَه وأبغضَه التزم الإيثار، فإنّه يرى أنّه لا خلاصَ له من هذا المَقِيت البغيض إلّا بالإيثار.

الثّالث: الرّغبة في مكارم الأخلاق، وبحسبِ رغبته فيها يكون إيثاره، لأنّ الإيثار أفضلُ درجاتِ مكارم الأخلاق.

فصل

قال (٢): (الدّرجة الثّانية: إيثار رضا الله على رضا غيره، وإن عظُمتْ فيه المِحَن، وثَقُلَتْ فيه المُؤَن، وضعُفَ عنه الطَّوْلُ والبدن).

إيثار رضا الله عزّ وجلّ على غيره: هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاتُه،


(١) «منازل السائرين» (ص ٤٥). وفيه: «ويُستطاع هذا بثلاثة أشياء».
(٢) «منازل السائرين» (ص ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>