للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الإيثار باشتغال القلب والفكر في مهمّاتهم ومصالحهم التي لا تتعيّن عليك، على الفكرِ في العلم النّافع واشتغالِ القلب بالله. ونظائر ذلك لا تخفى، بل ذلك حالُ الخلق الغالبُ عليهم.

وكلُّ سببٍ يعود (١) بصلاح قلبك (٢) وحالك مع الله: فلا تُؤثِرْ به أبدًا، فإنّما تُؤثِر الشّيطانَ على الله وأنت لا تعلم.

وتأمّلْ أحوالَ أكثر الخلق في إيثارهم على الله من يضرُّهم إيثارهم له ولا ينفعهم، وأيُّ جهالةٍ وسَفَهٍ فوق هذا؟

ومن هذا تكلّم الفقهاء في الإيثار بالقُرَب، وقالوا: إنّه مكروهٌ أو محرَّم (٣). كمن يُؤثِر بالصّفِّ الأوّل غيرَه ويتأخّر هو، أو يُؤثِر بقربه من الإمام يومَ الجمعة، أو يُؤثِر غيرَه بالأذان والإمامة، أو يُؤثره بعلمٍ يَحرِمُه نفسَه، ويُرفِّهُه (٤) عليه، فيفوز به دونه.

وتكلّموا في إيثار عائشة لعمر بن الخطّاب - رضي الله عنهما - بمدفنه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجرتها (٥).


(١) ل: «يعود عليك». والمثبت من ش، د.
(٢) بعدها في ل: «ووقتك». وليست في ش، د.
(٣) انظر كلام المؤلف في هذا الموضوع في «طريق الهجرتين» (٢/ ٦٤٩ - ٦٥٣)، و «الروح» (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٨)، و «زاد المعاد» (٣/ ٦٣٢ - ٦٣٣).
(٤) كذا في النسخ، والمعنى: يجعله في رفاهية فيفيده ويحرم نفسه. انظر ما سبق قريبًا (ص ١١). وفي المطبوع: «ويرفعه».
(٥) كما رواه البخاري (١٣٩٢، ٧٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>