للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاذبٌ في حكم الله تعالى، وإن كان خبرُه مطابقًا لمُخْبَرِه. ولهذا قال تعالى: {فَإِذْ (١) لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: ١٣]. فحكمُ الله في مثل هذا أن يعاقَب عقوبةَ المفتري الكاذب، وإن كان خبرُه مطابقًا (٢). وعلى هذا فلا تتحقّق توبتُه حتّى يعترفَ بأنّه كاذبٌ عند الله، كما أخبر الله به عنه. فإذا لم يعترف بأنّه كاذبٌ وقد جعله الله كاذبًا، فأيُّ توبةٍ له؟ وهل هذا إلّا محضُ الإصرار والمجاهرة بمخالفة حكم الله الذي حَكَم به عليه؟

فصل

واختُلِفَ في توبة السَّارق إذا قُطِعت يدُه: هل من شرطها ضمانُ العين المسروقة لربِّها؟ وأجمعوا على أنَّ مِن شرط صحَّة توبته أداؤها (٣) إليه، إذا كانت موجودةً بعينها. وإنّما اختلفوا إذا كانت تالفةً، فقال الشَّافعيُّ وأحمد - رضي الله عنهما -: من تمام توبته ضمانُها لمالكها، ويلزمه ذلك موسرًا كان أو معسرًا (٤).

وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: إذا قُطعت يده وقد استهلك (٥) العينَ لم يلزمه ضمانُها (٦). ولا تتوقَّف صحَّةُ توبته على الضَّمان لأنَّ قطعَ اليد هو مجموعُ


(١) ما عدا ج، ع: "فإن"، سهو.
(٢) انظر في ذلك كلام شيخ الإسلام في "النبوات" (٢/ ٨١٨).
(٣) كذا بالواو يعني الرفع في جميع النسخ، على حذف ضمير الشأن اسم أنَّ.
(٤) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٤/ ٣٨٣ - ٣٨٤)، و"المغني" (١٢/ ٤٥٤).
(٥) ع: "استهلكت".
(٦) قال صاحب "الهداية" (٢/ ٣٧٣): "وهو المشهور، وروى الحسن عنه أنه يضمن بالاستهلاك".

<<  <  ج: ص:  >  >>