للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

المشهد العاشر: مشهد الأسوة، وهو مشهدٌ لطيفٌ شريفٌ جدًّا، فإنّ العاقل اللّبيب يرضى أن يكون له أسوةٌ برسل الله وأنبيائه وأوليائه وخاصَّتِه من خلقه، فإنّهم أشدُّ الخَلْق امتحانًا بالنّاس، وأذى النّاسِ إليهم أسرعُ من السَّيل في الحَدُور. ويكفي تدبُّر قصص الأنبياء عليهم السّلام مع أممهم، وشأنِ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - وأذى أعدائه له بما لم يُؤذَ به مَن (١) قبله. وقد قال له ورقة بن نوفلٍ: لَتُكذَّبنَّ ولتُخْرَجَنّ ولَتُؤْذَيَنّ (٢). وقال له: ما جاء أحدٌ بمثل ما جئتَ به إلّا عُودِي (٣). وهذا مستمرٌّ في ورثته كما كان (٤) في موروثهم - صلى الله عليه وسلم -.

أفلا يرضى العبد أن يكون له أسوةٌ بخيار خَلْق الله وخواصِّ عباده: الأمثل فالأمثل؟

ومن أحبَّ معرفة ذلك فليقفْ على مِحَن العلماء، وأذى الجهّال لهم. وقد صنّف في ذلك ابن زَبْر (٥) كتابًا سمّاه «مِحَن العلماء».


(١) «من» ليست في ل.
(٢) كما رواه ابن إسحاق في «سيرته» (ص ١٠٢) عن عبد الملك بن عبد الله عن بعض أهل العلم ضمن حديث طويل. وانظر: «سيرة ابن هشام» (١/ ٢٥٤)، و «دلائل النبوة» للبيهقي (٢/ ١٤٩).
(٣) أخرجه البخاري (٣، ٦٩٨٢) ومسلم (١٦٠) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) ل: «قال»، تحريف.
(٥) هو الحافظ أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زَبْر الربعي (ت ٣٧٩). ترجمته في «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ٤٤٠). وكتابه «محن العلماء» من مرويات الحافظ ابن حجر في «المجمع المؤسَّس للمعجم المفهرس» (٢/ ٧٠)، والروداني في «صلة الخلف» (ص ٤٢١). وتحرَّف في المطبوع إلى «ابن عبد البر»!

<<  <  ج: ص:  >  >>