للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال (١): (باب التحقيق. قال الله تعالى: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]. التحقيق: تلخيص مصحوبك (٢) من الحقِّ، ثمّ بالحقِّ، ثمّ في الحقِّ، وهذه أسماء درجاته الثلاث).

وجه تعلُّقه بإشارة الآية: أنَّ إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - طلب الانتقال من الإيمان بالعلم بإحياء الله الموتى إلى رؤية تحقيقه عيانًا، فطلب ــ بعد حصول العلم الذِّهنيِّ ــ تحقيقَ الوجود الخارجيِّ، فإنَّ ذلك أبلغُ في طمأنينة القلب. ولمّا كان بين العلم والعيان منزلةٌ أخرى قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «نحن أحقُّ بالشكِّ من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: ٢٦٠]» (٣). وإبراهيم لم يشكَّ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يشكَّ، ولكن أوقع اسم «الشّكِّ» على المرتبة العلميَّة باعتبار التفاوت الذي بينها وبين مرتبة العيان في الخارج.

وباعتبار هذه المرتبة يسمَّى العلم اليقينيُّ (٤) ــ قبل مشاهدة معلومه ــ ظنًّا، قال تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ٤٦]. وقال تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٩]. وهذا الظّنُّ علمٌ جازمٌ، كما قال تعالى: {اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ} [البقرة: ٢٢٣].


(١) «المنازل» (ص ١٠٥).
(٢) ت: «مطلوبك».
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٧٢) ومسلم (١٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) ت، ر: «اليقين».

<<  <  ج: ص:  >  >>