للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأكبرَ، بحسب حال الحاكم، فإنّه إن اعتقد وجوبَ الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدَلَ عنه معصيةً، مع اعترافه بأنّه مستحقٌّ للعقوبة= فهذا كفرٌ أصغر. وإن اعتقد أنَّه غيرُ واجبٍ وأنّه مخيَّرٌ فيه، مع تيقُّنه أنّه حكمُ الله تعالى، فهذا كفرٌ أكبر. وإن جهِلَه وأخطَأَه، فهذا مخطئٌ له حكمُ المخطئين.

والقصدُ أنَّ المعاصي كلَّها نوعٌ من الكفر الأصغر، فإنّها ضدُّ الشُّكر الذي هو العملُ بالطَّاعة. فالسَّعيُ إمَّا شكرٌ، وإمَّا كفرٌ، وإمَّا ثالثٌ لا من هذا ولا من هذا.

فصل

وأمّا الكفر الأكبر، فخمسة أنواعٍ: كفرُ تكذيبٍ، وكفرُ استكبارٍ وإباءٍ مع التَّصديق، وكفرُ إعراضٍ، وكفرُ شكٍّ، وكفرُ نفاقٍ.

فأمَّا كفرُ التَّكذيب، فهو اعتقادُ كذب الرَّسول. وهذا القسم قليلٌ في الكفّار، فإنَّ الله تعالى أيَّد رسله، وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به الحجَّةَ، وأزال به المعذرة. قال تعالى عن قوم فرعون: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤]. وقال لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: ٣٣].

وإن سمِّي هذا (١) كفرَ تكذيبٍ أيضًا فصحيحٌ، إذ هو تكذيبٌ باللِّسان.

وأمّا كفر الإباء والاستكبار، فنحوُ كفر إبليس، فإنّه لم يجحد أمرَ الله ولا قابله بالإنكار، وإنّما تلقَّاه بالإباء والاستكبار.


(١) يعني: كفر الجحود المذكور في الآيتين، وسيفرده بالكلام بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>