للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتأمّلُها حقَّ تأمُّلها، ويُنزلها على الواقع يرى العجبَ. ولا تظنُّها اختصَّتْ بقومٍ كانوا فبانوا، فالحديث لك، واسمعِي يا جارَةْ (١). والله المستعان.

ومن الأدب مع الرّسول (٢) - صلى الله عليه وسلم -: أن لا يتقدَّم بين يديه بأمرٍ ولا نهيٍ ولا إذنٍ ولا تصرُّفٍ، حتّى يأمر هو وينهى ويأذن، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١]. وهذا باقٍ إلى يوم القيامة لم يُنسَخ، فالتّقدُّم بين يَدَيْ سنّته بعد وفاته كالتّقدُّم بين يديه في حياته، لا فرقَ بينهما عند ذي عقلٍ سليمٍ.

قال مجاهدٌ - رضي الله عنه -: لا تَفْتاتُوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء حتى يَقضيه الله على لسانه (٣).

وقال الضحاك - رحمه الله -: لا تَقضُوا أمرًا دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).

وقال أبو عبيدة - رحمه الله -: تقول العرب: لا تُقدِّمْ بين يَدَي الإمام وبين يَدَي الأب، أي لا تُعجِّلْ بالأمر والنّهي دونَه (٥).


(١) «إيَّاكِ أعني واسمعي يا جارَةْ» مثل يُضرب لمن يخاطب شخصًا ويعني غيرَه. انظر قصته وأوّل مَن قاله في: «جمهرة الأمثال» (١/ ٢٩)، و «مجمع الأمثال» (١/ ٤٩)، و «فصل المقال» (ص ٧٦، ٧٧).
(٢) ل: «رسول الله».
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢١/ ٣٣٦). وانظر: «الدر المنثور» (١٣/ ٥٢٩).
(٤) كذا في «تفسير البغوي» (٤/ ٢٠٩). وهو في «تفسير الطبري» (٢١/ ٣٣٧) عن سفيان. وروى قول الضحاك فيه بلفظ: يعني بذلك في القتال وما كان من أمورهم لا يصلُح أن يُقضَى إلا بأمره، ما كان من شرائع دينهم.
(٥) «مجاز القرآن» (٢/ ٢١٩). ونقله في «تفسير البغوي» (٤/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>