للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: بل كان الفرض المبادرة إلى الامتثال من غير التفاتٍ إلى سواه.

فقلت له: فما الذي نسخَ هذا الفرض عنّا؟ وبأيِّ شيءٍ نسخ؟

فوضع إصبعَه على فيه، وبقي باهتًا متحيِّرًا، وما نطقَ بكلمةٍ.

هذا أدبُ الخواصِّ معه. لا مخالفةُ أمره، والشِّرك به، ورفع الأصوات، وإزعاجُ الأعضاء بالصّلاة عليه والتّسليم، وعزْلُ كلامِه عن اليقين وأن يُستفادَ منه معرفةُ الله، أو يُتلقّى منه أحكامه. بل المعوَّلُ في باب معرفة الله على العقول المتهوِّكة المتحيِّرة المتناقضة، وفي الأحكام على تقليد الرِّجال وآرائها. والقرآن (١) والسُّنّة إنّما نقرؤهما تبرُّكًا، لا أنّا نتلقّى منهما أصولَ الدِّين ولا فروعه. ومن طلبَ ذلك ورامَه عاديناه، وسعينا في قطع دابِره، واستئصالِ شأفته. {(٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهْوَ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ} [المؤمنون: ٦٣ - ٧٤].

والنّاصح لنفسه العاملُ على نجاتها: يتدبَّر هذه الآيات حقَّ تدبُّرِها،


(١) «والقرآن» ساقطة من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>