للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغيبة لالتماس الحقائق، فإنّ العوائق والعلائق تحول بينه وبين طلبها وحصولها لمضادّتها لها.

والحقائق جمع حقيقةٍ، ويراد بها الحقُّ تعالى وما نُسِب إليه، فهو الحقُّ، وقوله الحقُّ، ووعده الحقُّ، ولقاؤه حقٌّ، ورسوله حقٌّ، وعبوديّته وحده حقٌّ، وعبوديّة ما سواه باطل، فكلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلٌ.

والمقصود: أنّ المريد إذا لم يتخلّص قصدُه في مطلوبه عمّا يعوقه من الشّواغل أو يدركه من المعوِّقات؛ لم يبلغ إلى مقصوده، ولم يصل إليه، وإن وصل إليه فبعد جهدٍ شديدٍ ومشقّةٍ، بسبب تلك الشّواغل، ولم يصل القوم إلى مطلبهم إلّا بقطع العلائق ورفْضِ الشّواغل.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّانية: غَيبة السّالك عن رسوم العلم، وعللِ السّعي، ورُخَصِ الفتور).

يريد: أنّه ينتقل عن أحكام العلم إلى أحكام الحال، وهذا كلامٌ فيه إجمالٌ، فالملحد يفهم منه: أنّه يفارق أحكام العلم، ويقف مع أحكام الحال (٢)، وهذا زندقةٌ وإلحادٌ. والموحِّد يفهم منه: أنّه ينتقل من أحكام العلم وحده إلى أحكام الحال المصاحب للعلم، فإنّ العلم الخالي عن الحال ضعفٌ في الطّريق، والحال المجرّد عن العلم ضلالٌ عن الطّريق، ومَن


(١) «المنازل» (ص ٩٠).
(٢) انظر: «شرح التلمساني» (ص ٥٠٠)، ولكنه مع ذلك يقول: «إن الحال للسالك معراج كما أن العلم سراج، والمعراج هو السلَّم»!

<<  <  ج: ص:  >  >>