للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اندراج حظِّ العبد (١) في حقِّ الرّبِّ تعالى، بحيث يصير حظُّه هو نفس حقِّ ربِّه عليه. ولا يخفى على البصير الصّادق علوُّ هذه المنزلة، وفضلها على منزلة الفناء، وبالله التّوفيق.

العلامة الثّالثة: صحّة السُّلوك وهو سلامته من الآفات والعوائق والقواطع، وهو إنّما يصحُّ بثلاثة أشياء:

أحدها: أن يكون على الدّربِ الأعظم (٢)، النّبويِّ المحمّديِّ، لا على الجوادِّ الوضعيّة، والرُّسوم الاصطلاحيّة، وإن زخرفوا لها القولَ ودقّقوا لها الإشارة، وحسّنوا لها العبارة، فتلك من بقايا النُّفوس عليهم وهم لا يشعرون.

الثّاني: أن لا يجيب على الطّريق داعي البطالة والوقوف والدّعة.

الثّالث: أن يكون في سلوكه ناظرًا إلى المقصود. وقد تقدّم بيان ذلك.

فبهذه الثّلاثة يصحُّ السُّلوك، والعبارةُ الجامعة لها: أن يكون واحدًا لواحدٍ في طريقٍ واحدٍ، فلا ينقسم طلبه ولا مطلوبه، ولا تتلوّن طريقه (٣).

وأمّا الثّلاثة السّلبيّة التي ذكرها، فأوُّلها قوله: (ولم يوقَف لهم على رسمٍ) يريد: أنّهم قد انمحت رسومُهم، فلم يبق منها ما يقف عليه واقف.

وهذا كلامٌ يحتاج إلى شرحٍ؛ فإنّ الرّسم الظّاهر المعاين لا يمحى (٤) ما


(١) ر: «العبودية».
(٢) بعده في ط: «الدرب».
(٣) ر، ط: «يتلون مطلوبه».
(٤) ت: «ينمحي».

<<  <  ج: ص:  >  >>