للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): (وهو على ثلاث درجاتٍ. الدّرجة الأولى: غنى القلب. وهو سلامته من السّبب، ومسالمته للحكم، وخَلاصه من الخصومة).

حقيقة غنى القلب: تعلُّقه بالله وحده. وحقيقة فقره المذموم: تعلُّقه بغيره. فإذا تعلّق بالله حصلت له هذه الثّلاثة التي ذكرها.

سلامته من السّبب أي (٢) من التّعلُّق به، لا من القيام به. والغنى عند أهل الغفلة بالسّبب، ولذلك قلوبهم متعلِّقة به. وعند العارفين بالمسبِّب. وكذلك الصِّناعة والقوّة. فهذه الثّلاثة هي جهات الغنى عند النّاس، وهي التي أشار إليها النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «إنّ الصّدقة لا تَحِلُّ لغنيٍّ، ولا لقويٍّ مكتسبٍ» (٣). وهو غنًى بالشّيء، فصاحبها غنيٌّ بها إذا سكنتْ نفسُه إليها، وإن كان سكونه إنما هو إلى ربِّه فهو غنيٌّ به، وكلُّ ما سكنت النّفسُ إليه فهي فقيرةٌ إليه.

وأمّا مسالمة الحكم فعلى نوعين.

أحدهما: مسالمة الحكم الدِّينيِّ الأمريِّ (٤). وهي معانقته وموافقته ضدّ محاربته.

والثّاني: [مسالمةُ] الحكم الكونيِّ القدريِّ، الذي يجري عليه بغير اختياره، ولا قدرةَ له على دفعه، وهو غير مأمورٍ بدفعه.


(١) «المنازل» (ص ٥٧).
(٢) «أي» ليست في ش، د.
(٣) أخرجه أحمد (١٧٩٧٢، ٢٣٠٦٣)، وأبو داود (١٦٣٣)، والنسائي (٢٥٩٨) من حديث عبيد الله بن عدي عن رجلين من الصحابة. وإسناده صحيح. ولفظ الحديث: « ... لا حظَّ فيها لغنيّ ولا لقويّ مكتسب».
(٤) ل: «مسالمة الأمر».

<<  <  ج: ص:  >  >>