للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (وهو على ثلاث درجاتٍ. الدرجة الأولى: الشُّكر على المحابِّ. وهذا شكرٌ تشاركت فيه المسلمون واليهودُ والنصارى والمجوس. ومن سعة رحمة الباري سبحانه أنه عدَّه شكرًا، ووعد عليه الزِّيادة، وأوجب فيه المثوبة).

إذا عُلِمت حقيقةُ الشكر وأنَّ جزء حقيقته الاستعانةُ بنعم المنعم على طاعته ومرضاته= عُلِم اختصاص أهل الإسلام بهذه الدرجة، وأنَّ حقيقة الشُّكر على المحابِّ ليست لغيرهم.

نعم، لغيرهم منها بعض أركانها وأجزائها، كالاعتراف بالنِّعمة والثناء على المنعم بها، فإنَّ جميع الخلق في نعم الله، وكلُّ من أقرَّ بالله وتفرُّدِه بالخلق والإحسان فإنَّه يضيف نعمته إليه، لكنَّ الشأن في تمام حقيقة الشُّكر، وهو الاستعانة بها على مرضاته (٢).

وقد عُرف مراد الشيخ، وهو أنَّ هذا شكر مشترك، وهو الاعتراف بنعمه سبحانه، والثناءُ عليه بها، والإحسانُ إلى خلقه منها. وهذا بلا شكٍّ يوجب حفظَها عليهم والمزيدَ منها. فهذا الجزء من الشُّكر مشتركٌ. وقد تكون ثمرته في الدُّنيا بعاجل الثواب، وفي الآخرة بتخفيف العقاب، فإنَّ النار دركاتٌ ودرجاتُ أهلها في العقوبة مختلفة.


(١) «المنازل» (٤١) و «شرح التلمساني» (ص ٢٣٣) واللفظ به أشبه.
(٢) زاد في ع: «وقد كتبت عائشة إلى معاوية أن أقل ما يجب للمنعم على من أنعم عليه أن لا يجعل ما أنعم عليه سبيلًا إلى معصيته». ولم أجد من أسند كتاب عائشة - رضي الله عنها - أو ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>