للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسيِّده المخلوق المشفق عليه، القادر على ما يريده العبد، المتبوع في الإحسان إليه والذّبِّ عنه.

وسيأتي عن قريبٍ ــ إن شاء الله ــ تمامُ هذا المعنى في باب السُّرور.

وقوله: (إلّا ما يَشوبُه من حذر المكر)، أي يمازجه. فإنّ السُّرور والفرح يبسط النّفسَ ويُلهِيها (١)، ويُنسِيها عيوبَها وآفاتِها ونقائصَها، إذ لو شهدتْ ذلك وأبصرتْه لشَغَلَها ذلك (٢) عن الفرح.

وأيضًا فإنّ الفرح بالنِّعمة قد يُنسِيه المنعِمَ، ويشتغل بالخلعة التي خلعها عليه عنه، فيطفح عليه السُّرور حتّى يغيب بنعمته عنه. وهنا يكون المكر إليه أقربَ من اليد للفم.

ولله كم هاهنا من مستردٍّ منه ما وهب له غيرةً (٣) وحكمةً! وربّما كان ذلك رحمةً به، إذ لو استمرّ على تلك الولاية لخيفَ عليه من الطُّغيان. كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٦ - ٧]. فإذا كان هذا غنًى بالحُطام الفاني، فكيف بالغنى بما هو أعلى من ذلك وأكبر (٤)؟ فصاحب هذا المقام إن لم يصحبه حذَرُ المكر خِيفَ عليه أن يسلبه وينحطّ عنه.

و (المكر) الذي يُخاف عليه منه: أن يُغيِّب الله سبحانه عنه شهودَ أوّليّته


(١) ت: «يثبط النفس وينميها».
(٢) «ذلك» ليست في ت، ر.
(٣) ر: «عزة».
(٤) ت، ر: «وأكثر».

<<  <  ج: ص:  >  >>