للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحبُّ (١) أن يُتَملَّق له. وفي الحديث: "تملَّقُوا الله" (٢). وفي الصّحيح (٣): "لا أحدَ أحبُّ إليه العذرُ من الله". وإن كان معنى ذلك: الإعذار، كما قال في آخرهِ: "من أجل ذلك أرسل الرُّسل مبشِّرين ومنذرين"، وقال تعالى: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: ٥ - ٦]، فإنّه من تمام عدله وإحسانه أن أعذَرَ إلى عبيده، ولم يأخذ ظالمَهم إلّا بعد كمال الإعذار وإقامة الحجّة؛ فهو أيضًا يحبُّ من عبده أن يعتذر إليه، ويتنصَّل إليه من ذنبه. وفي الحديث: "من اعتذر إلى الله قبِل الله عذرَه" (٤). فهذا هو الاعتذار المحمود النّافع.

وأمّا الاعتذار بالقدر، فهو مخاصمةٌ لله، واحتجاجٌ من العبد على الرّبِّ،


(١) في ع بعده زيادة: "من عبده".
(٢) ج، م: "لله". ولم أقف على هذا الحديث. وإنما ورد في كلام لأبي سليمان الداراني. قال أحمد بن أبي الحواري: "دخلت على أبي سليمان يومًا وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: يا أحمد، وكيف لا أبكي ... أشرف الجليل سبحانه، فنادى: يا جبريل، ... أم كيف يجمل بي أن آخذ قومًا إذا جنَّهم الليل تملقوا، ... ". أخرجه القشيري في "رسالته" (ص ١٣٤) ــ ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٤/ ١٣٧) ــ وأبو نعيم في "حلية الأولياء" في ترجمة أحمد بن أبي الحواري (١٠/ ١٦).
(٣) أخرجه البخاري (٧٤١٦)، ومسلم (١٤٩٩) من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -.
(٤) جزء من حديث أخرجه ابن بشران في "أماليه ــ الجزء الأول" (٥٥٩) ــ ومن طريقه وطريق غيره الضياء في "المختارة" (٦/ ٨١، ٨٢) ــ من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وإسناده صحيح. وله طرق أخرى لا تخلو من ضعف، ينظر: "علل ابن أبي حاتم" (١٩١٩) و"نوادر الأصول" (٩٣٢) و"الضعيفة" (٥٨٨، ١٩١٦) و"الصحيحة" (٢٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>