للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكهف: ٥٠]، فسمّى مخالفتَه للأمر فسقًا. وقال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: ١٢١] فسمّى ارتكابَه للنَّهي معصيةً. فهذا عند الإفراد. فإذا اقترنا كان أحدُهما لمخالفة الأمر، والآخَرُ لمخالفة النَّهي.

والتّقوى: اتِّقاءُ مجموع الأمرين فيه. وبتحقيقها تصحُّ التَّوبةُ من الفسوق والعصيان، بأن يعمل العبدُ بطاعة الله على نورٍ من الله يرجو ثوابَ الله، ويترك معصيةَ الله على نورٍ من الله يخافُ عقابَ الله.

وفسقُ الاعتقاد: كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ويحرِّمون ما حرَّم الله، ويوجبون ما أوجب الله؛ ولكن ينفُون كثيرًا ممّا أثبت الله ورسوله جهلًا وتأويلًا وتقليدًا للشُّيوخ، ويُثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك. وهؤلاء كالخوارج المارقة، وكثيرٍ من الرَّوافض، والقدريَّة، والمعتزلة، وكثيرٍ من الجهميَّة الذين ليسوا غلاةً في التَّجهُّم. وأمّا غاليَةُ الجهميَّة فكغلاة الرَّافضة، ليس (١) للطَّائفتين في الإسلام نصيبٌ. ولذلك أخرجهم جماعةٌ من السّلف من الثِّنتين وسبعين (٢) فرقةً، وقالوا: هم مباينون للملَّة.

وليس مقصودنا الكلام في أحكام هؤلاء، وإنَّما المقصود تحقيق التَّوبة من هذه الأجناس العشرة.

فالتَّوبةُ من هذا الفسوق: بإثبات ما أثبته الله لنفسه ورسوله من غير تشبيهٍ ولا تمثيلٍ، وتنزيهه عمّا نزَّه نفسَه عنه (٣) ونزَّهه عنه رسولُه من غير تحريفٍ


(١) ش: "وغلاة الرافضة فليس".
(٢) ش: "والسبعين" على الجادة.
(٣) "عنه" ساقط من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>