للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثنويّة، والتّنافي من إحساس الاعتلال، والتنافي (١) من شهود شهودها. وهو على ثلاث درجاتٍ: جمعُ علمٍ، ثمّ جمعُ وجودٍ، ثمّ جمعُ عينٍ).

قوله: (الجمع: ما أسقط التّفرقة) هذا حدٌّ غير محصِّلٍ للفرق بين ما يُحمَد ويُذَمُّ من الجمع والتفرقة، فإنّ «الجمع» ينقسم إلى صحيح وباطل، و «التفرقة» تنقسم إلى محمودٍ ومذمومٍ، وكلٌّ منهما لا يُحمَد مطلقًا ولا يذَمُّ مطلقًا.

فيراد بالجمع: جمعُ الوجود، وهو جمعُ الملاحدة القائلين بوحدة الوجود. ويريدون بالتفرقة: الفرق بين الوجود القديم والمحدَث، وبين الخالق والمخلوق، وأصحابه يقولون: الجمع: ما أسقَطَ هذه التفرقة، ويقولون عن أنفسهم: إنّهم أصحاب جمع الوجود. ولهذا صرَّحَ بما ذكرناه محقِّقُ الملاحدة (٢)، فقال: التفرقةُ اعتبارُ الفرق بين وجودٍ ووجودٍ، فإذا زال الفرقُ في نظر المحقِّق حصَل له حقيقةُ الجمع.

ويراد بالجمع: الجمع في الإرادة والطلب على المراد المطلوب وحده، وبالتفرقة: تفرقة الهمّة والإرادة. وهذا هو الجمع الصحيح، والتفرقة المذمومة؛ فحدُّ الجمع الصحيح: ما أزال هذه التفرقة. وأمّا جمعٌ يزيل التفرقةَ بين الرَّبِّ والعبدِ، والخالق والمخلوق، والقديم والمحدَث= فأبطَلُ


(١) في «المنازل»: «والتناقي»، وهو أشبه، فقد مضى «التنافي» في الجملة السابقة. وقد فسَّره القاساني في «شرحه» (ص ٦٠٣) بأنه مبالغة في النَّقاء. والمؤلف صادر عن «شرح التلمساني». وفي «شرح المناوي» (ص ٣٢٦): «التعافي ... والتنافي»، ولا تخفى مناسبة التعافي بالاعتلال.
(٢) يعني: التلمساني. انظر: «شرحه» (٢/ ٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>