للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البشر لا تبلغ هذا المبلغ، فكان منه - صلى الله عليه وسلم - مبدأُ الرّمي، وهو الحذف (١)، ومن الرَّبِّ تعالى نهايتُه، وهو الإيصال. فأضاف إليه رميَ الحذف الذي هو مبدؤه، ونفى عنه رميَ الإيصال الذي هو نهايته (٢).

ونظير هذا: قوله في الآية نفسها: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ}، ثمّ قال: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧]، فأخبر: أنّه وحده هو الذي تفرَّد بقتلهم، ولم يكن ذلك بكم (٣) أنتم، كما تفرّد بإيصال الحصى إلى أعينهم، ولم يكن ذلك برسوله (٤).

ولكن وجه الإشارة بالآية: أنّه سبحانه أقام أسبابًا ظاهرةً لدفع المشركين، وتولَّى دفعَهم وإهلاكَهم بأسبابٍ باطنةٍ غير الأسباب التي تظهر للنّاس، فكان ما حصل من الهزيمة والقتل والنُّصرة مضافًا إليه وبه، وهو خير النَّاصرين.

قال (٥): (الجمعُ: ما أسقطَ التفرقة، وقطَع الإشارة، وشخَص عن الماء والطِّين، بعد صحّة التمكين، والبراءة من التلوين، والخلاص من شهود


(١) في ت بالخاء المعجمة هنا وفيما يأتي.
(٢) وانظر: «زاد المعاد» (٣/ ٢١٣، ٧١٣) و «شفاء العليل» (ص ٥٩). وانظر من كتب شيخ الإسلام: «منهاج السنة» (٣/ ٢١٨)، و «الرد على البكري» (ص ١٤٣)، وكذا «مجموع الفتاوى» (٢/ ٣٣١، ٣٧٥)، (١٥/ ٣٩).
(٣) «بكم» من ت, ر.
(٤) ر: «من رسوله».
(٥) «منازل السائرين» (ص ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>