للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أختصُّ به وأضَنُّ بجودته، أي أبخل بها أن أُضيِّعها.

وقد مُثِّل المريد والمراد بقومٍ بعث إليهم سلطانهم يستدعيهم إلى حضرته من بلادٍ نائيةٍ، وأرسل إليهم بالأدلّة والأموال، والمراكب وأنواع الزّاد، وأمرهم بأن يتجشَّموا إليه قَطْع السُّبل والمفاوز، ويجتهدوا في المسير حتّى يلحقوا به، وبعث خيلًا له ومماليكَ إلى طائفةٍ منهم، فقال: احمِلُوهم على هذه الخيل التي تَسبِق الرِّكاب، واخْدُموهم في طريقهم، ولا تَدَعُوهم يُعانوا مؤنةَ الشّدِّ والرَّبط، بل إذا نزلوا فأَرِيحُوهم، ثمّ احْمِلوهم حتّى تُقدِّموهم عليّ. فلم يجد هؤلاء من مجاهدةِ السّير ومكابدتِه ووَعْثَاء (١) السّفر ما وجده غيرهم.

ومن النّاس من يقول: المريد ينتقل من منزلة الإرادة إلى أن يصير مرادًا، فكان محبًّا فصار محبوبًا. فكلُّ مريدٍ صادقٍ نهايةُ أمرِه أن يكون مرادًا. وأكثرهم على هذا.

وصاحب «المنازل» كأنّ عنده المراد هو المجذوب، والمريد: السّالك على طريق الجادّة.

فصل

قال (٢): (وللمراد ثلاث درجاتٍ: الدرجة الأولى: أن يُعصَم العبد وهو يستشرِف للجفاء اضطرارًا، بتنغيص الشّهوات، وتعويقِ الملاذّ، وسدِّ مسالك المعاطبِ عليه إكراهًا).


(١) د: «ومكابدة وعثاء».
(٢) «المنازل» (ص ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>