أوجدَه الله مطلوبَه أي أظفَرَه به، وأوجَدَه أي أغناه. قلتُ: أي جعله ذا جِدَةٍ، قال تعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}[الطلاق: ٦]. ويقال: وجدَ فلانٌ وُجْدًا ووَجْدًا ووِجْدًا ــ بضمِّ الواو وفتحها وكسرها ــ إذا صار ذا جِدَةٍ وثروةٍ، ووُجِد الشّيء فهو موجودٌ وأوجده الله. ويقال: وجدَ الله الشّيءَ كذا وكذا، على غير معنًى أوجده، كما قال تعالى:{وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}[الأعراف: ١٠٢]. فالله سبحانه أوجدَه على علمه بأنه يكون على صفةٍ، ثمّ وجده بعد إيجاده على تلك الصِّفة التي علم أنه يكون عليها.
وأمّا الواجد في أسمائه سبحانه فهو بمعنى ذو الوجد والغنى، وهو ضدُّ الفاقد، وهو كالمُوسِع ذي السّعة، قال تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}[الذاريات: ٤٧]، أي ذو سعةٍ وقدرةٍ وملكٍ، كما قال تعالى:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}[البقرة: ٢٣٦]. ودخل في أسمائه سبحانه الواجد دون الموجد، فإنّ الموجد صفة فعلٍ، وهو مُعطِي الوجود، كالمحيي معطي الحياة، وهذا الفعل لم يجئ إطلاقه في أفعال الله في الكتاب ولا في السُّنّة، فلا يُعرف إطلاقُ: أوجد الله كذا وكذا، وإنّما الذي جاء: خلَقه وبَرَأَه وصَوَّره وأعطاه خَلْقه ونحو ذلك، فلمّا لم يُستعمل فعله لم يجئ اسم الفاعل منه في أسمائه الحسنى، فإنّ الفعل أوسعُ من الاسم. ولهذا أطلق على نفسه أفعالًا لم يَتَسمَّ منها بأسماء الفاعل، كأراد وشاء وأحدثَ ولم يُسَمِّ نفسَه بالمريد والشّائي والمُحدِث، كما لم يُسمِّ نفسَه بالصّانع والفاعل والمُتْقِن وغير ذلك من الأسماء التي أطلقَ أفعالها على نفسه، فباب الأفعال أوسعُ من باب الأسماء.