للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر وأقربُ إلى قلبك وأعزُّ عليك= عاملتَه بهذين الأمرين، واجتمع في حقِّه المعاملتان بحسب قربه منك، وحبِّك له، وعزَّته عليك. فإذا نظرتَ إلى إكمال إحسانك إليه وإتمام نعمتك عليه اقتضت معاملتُه بما لا يُعامَلُ مَن دونه من التَّنبيه وعدم الإهمال. وإذا نظرتَ إلى إحسانه ومحبّته لك، وطاعته وخدمته، وكمال عبوديّته ونصحه= وهبتَ له وسامحتَه وعفوتَ عنه بما لا تفعله مع غيره. فالمعاملتان بحسب ما منك وما منه.

وقد ظهر اعتبارُ هذا المعنى في الشَّرع، حيث جعَل حدَّ من أنعَم عليه بالتّزوُّج إذا تعدَّاه إلى الزِّنى: الرَّجْمَ، وحدَّ من لم يعطه هذه النِّعمة: الجَلْدَ. وكذلك ضاعف الحدَّ على الحرِّ الذي قد ملَّكه نفسَه، وأتمَّ عليه نعمتَه، ولم يجعله مملوكًا لغيره، وجعَل حدَّ العبد المنقوص بالرِّقِّ (١) الذي لم تحصل له هذه النِّعمةُ نصفَ ذلك.

فسبحان مَن بهرَتْ حكمتُه في خلقه وأمره وجزائه عقولَ العالمين، وشهدَتْ بأنّه أحكمُ الحاكمين.

فللّه سرٌّ تحتَ كلِّ لطيفةٍ ... فأخو البصائر غائصٌ يتعقَّلُ (٢)

فصل

في أجناس ما يتاب منها ولا يستحقُّ العبدُ اسمَ التّائب حتّى يخلص منها

وهي اثنا عشر جنسًا مذكورةٌ في كتاب الله تعالى، هي أجناس


(١) بإزاء هذا السطر في هامش الأصل: "بلغ مقابلة وقراءة على مصنفه - رضي الله عنه - ".
(٢) لم أقف على البيت، والفاء في "فلله" من الخَزْم، وفي ل، م، ع: "لله" ويظهر أن الفاء طمست من بعضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>