للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنّها اسمٌ لمدّة بقاء هذا (١) العالم.

والثّاني: أنّها اسمٌ لما بين السّماء والأرض، فما فوق السّماء ليس من الدُّنيا، وما تحت الأرض ليس منها.

فعلى الأوّل: تكون الدُّنيا زمانًا. وعلى الثّاني: تكون مكانًا.

ولمّا كان لها تعلُّقٌ بالجوارح والقلب واللِّسان، كان حقيقة الفقر: تعطيل (٢) هذه الثّلاثة عن تعلُّقها بها وسَلْبها منها، فلذلك قال: (قبض اليد عن الدُّنيا ضبطًا أو طلبًا). يعني يقبض يدَه عن إمساكها إذا حصلت له، فإذا قبض يدَه عن الإمساك جاد بها. وإن كانت غير حاصلةٍ له كفَّ يدَه عن طلبها، فلا يطلب معدومها، ولا يبخل بموجودها.

وأمّا تعطيلها عن (٣) اللِّسان: فأن (٤) لا يمدحها ولا يذمّها، فإنّ اشتغاله بمدحها أو ذمِّها دليلُ محبّتها ورغبته فيها، فإنّ من أحبّ شيئًا أكثر من ذكرِه. وإنّما اشتغل بذمِّها حيث فاتته، كمن طلب العنقود فلم يصل إليه، فقال: هو حامضٌ. ولا يتصدّى لذمِّ الدُّنيا إلّا راغبٌ محبٌّ مفارقٌ، فالواصل (٥) مادحٌ، والمفارق ذامٌّ.


(١) «هذا» ليست في ش.
(٢) ل: «تعطل».
(٣) د: «من».
(٤) ش، د: «فإنه».
(٥) ل: «فالمواصل».

<<  <  ج: ص:  >  >>