للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلَّقتْ بمحبّة الله تعالى ومعرفته وعبوديّته ودعوةِ الخلق إليه على بصيرةٍ، كانت فراستهم متّصلةً بالله، متعلِّقةً بنور الوحي مع نور الإيمان، فميَّزَتْ بين ما يحبُّه الله وما يبغضه من الأعيان والأقوال والأعمال، وميَّزَتْ بين الخبيث والطّيِّب، والمُحِقِّ والمُبطِل، والصّادق والكاذب؛ وعرفت مقادير استعداد السّالكين إلى الله، فحملت كلَّ إنسانٍ على قدر استعداده علمًا وإرادةً وعملًا.

وفراسةُ (١) هؤلاء دائمًا حائمةٌ حول كشف طريق الرّسول وتعريفها (٢) وتخليصها من بين سائر الطُّرق، وبين (٣) كشف عيوب النّفس وآفات الأعمال العائقة عن سلوك طريقة المرسلين. فهذا أشرفُ أنواع البصيرة والفراسة، وأنفعُها للعبد في معاشه ومعاده.

فصل

فإذا انتبه وأبصر أخذ في القصد (٤) وصدق الإرادة، وأجمعَ القصدَ والنِّيّةَ على سفر الهجرة إلى الله، وعلِمَ وتيقَّنَ أنّه لا بدَّ له منه، فأخذ في أهبة السّفر وتعبئة الزّاد (٥)، والتّجرُّدِ عن عوائق السّفر، وقطعِ العلائق التي تمنعه من


(١) ع: "ففراسة".
(٢) ش: "ومعرفتها". وفي ع: "وتعرفها"، وكذا كان في الأصل، ثم أصلح كما أثبت من النسخ الأخرى.
(٣) كذا في الأصل وغيره. والسياق يقتضي: "وحول".
(٤) ارجع لسياق الكلام إلى أول الفصل في منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (ص ١٨٨)، وهو: "أول منازل العبودية: اليقظة، فإذا استيقظ أوجبت له اليقظة الفكرة، فإذا صحت فكرته أوجبت له البصيرة. فإذا انتبه وأبصر أخذ في القصد ... ".
(٥) في ع بعده زيادة: "ليوم المعاد".

<<  <  ج: ص:  >  >>