للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتى بقيت للقلب في ذلك ملكةٌ، واشتدّ تعلُّقه به= لم تَحْجُبه معاني المسموع وصفات المتكلِّم بعضها عن بعضٍ، ولكن في الابتداء يعسُر عليه ذلك، وفي التّوسُّط يَهُون عليه، ولا انتهاءَ هاهنا البتّة. والله المستعان.

فهذه كلماتٌ تشير إلى معاني سماع أهل المعرفة والإيمان والأحوال المستقيمة.

وأمّا السّماع الشّيطانيُّ: فبالضِّدِّ من ذلك، وهو مشتملٌ على أكثر من مائة مفسدةٍ ولولا الإطالة لسُقْناها مفصّلةً. وسنفرد لها مصنّفًا مستقلًّا (١) إن شاء الله.

فهذا ما يتعلّق بقوله: (إنّ من الأنس بالشّواهد: التّغذِّي بالسّماع).

وقوله: (والوقوف على الإشارات).

الإشارات هي المعاني التي تشير إلى الحقيقة من بُعدٍ، ومن (٢) وراء حجابٍ. وهي تارةً تكون من مسموعٍ، وتارةً تكون من مرئيٍّ (٣)، وتارةً تكون من معقولٍ (٤)، وقد تكون من الحواسِّ كلِّها.

فالإشارات: من جنس الأدلّة والأعلام. وسببها: صفاءٌ يحصل بالجمعيّة. فيلطف به الحسُّ والذِّهن. فيستيقظ لإدراك أمورٍ لطيفةٍ لا يكشف حسُّ غيره وفهمه عن إدراكها.


(١) للمؤلف «الكلام على مسألة السماع»، وبحث مطول في «إغاثة اللهفان» (١/ ٤٠٠ - ٤٧٣).
(٢) «ومن» ليست في ش، د.
(٣) ل: «معقول».
(٤) ل: «مرئي».

<<  <  ج: ص:  >  >>