للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تألَّقَ البرقُ نَجديًّا فقلتُ له ... يا أيُّها البرقُ إنِّي عنكَ مشغولُ (١)

وإذا طرقَتْه طيوفُها الخياليّة تمثّل بقوله (٢):

طَرقَتْكَ صائدةُ القلوبِ وليس ذا ... وقتَ الزِّيارةِ فارجعي بسلام

فإذا وَدَّعتْه، وعَزمتْ على الرّحيل، ووعدتْه بالموافاة= تمثَّلَ بقول الآخر (٣):

قالت وقد عَزمتْ على تَرحالها ... ماذا تريد؟ فقلت أن لا تَرْجِعي

فإذا باشرتْ هذه السّكينة قلبَه سكَّنتْ خوفَه، وهو قوله: (يسكُن إليها الخائف)، وسَلَّتْ حزنَه؛ فإنّها لا حزنَ معها. فهي سُلوة المحزون، ومُذهِبة الهموم والغموم. وكذلك تُذهِب عنه وخَمَ ضجرِه، وتَبعث نشوةَ العزم، وحالت بينه وبين الجرأة على مخالفة الأمر، وبين إباء النّفس للانقياد إليه.

فصل

قال (٤): (وأمّا سكينة الوقار التي نزَّلها نعتًا لأربابها: فإنّها ضياء تلك السّكينة الثّالثة التي ذكرناها، وهي على ثلاث درجاتٍ. الدّرجة الأولى: سكينة الخشوع عند القيام للخدمة: رعايةً، وتعظيمًا، وحضورًا).

فسكينة الوقار هي (٥) نوعٌ من السّكينة، ولكن لمّا كانت موجبةً للوقار سمّاها الشّيخ - رحمه الله - سكينة الوقار.

وقوله: (نزّلها نعتًا)، يعني نزَّلها الله في قلوب أهلها، ونَعتَهم بها.

وقوله: (فإنّها ضياء تلك


(١) البيت بلا نسبة في «الزهرة» (١/ ٣٥٣)، ولأحد الخوارج في «معجم البلدان» (٥/ ٢٦٤)، ولأعرابي في «الحماسة البصرية» (٣/ ٩٨٨). وانظر: «شعر الخوارج» (ص ٢٠٣). وذكر المؤلف في «بدائع الفوائد» (١/ ١٩٠) أن شيخ الإسلام كثيرًا ما كان يتمثل به.
(٢) البيت لجرير في «ديوانه» (ص ٤٥٢).
(٣) ل: «القائل». والبيت للملك المعظم شرف الدين عيسى بن العادل في «شذرات الذهب» (٥/ ١١٥)، قاله في الحمَّى. وهو مع آخر في «زاد المعاد» (٤/ ٣٨).
(٤) «المنازل» (ص ٦٨).
(٥) «هي» ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>