للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُوجب زيادتَه. فهو محفوفٌ بها قبلها وبعدها.

فبالنُّور يَكشِف دلائلَ الإيمان. وبالحياة يتنبَّه من سنة الغفلة، ويصير يقظانَ. وبالقوّة يقهر الهوى والنّفس والشّيطان.

وتلك مواهبُ الرّحمنِ ليست ... تُحَصَّلُ باجتهادٍ أو بكَسْبِ

ولكن لا غنى عن بذْلِ جهدٍ ... بإخلاصٍ وجدٍّ لا بلَعْبِ

وفضلُ الله مبذولٌ ولكن ... بحكمته وعن ذا النّصُّ يُنبِي

فما من حكمة الرّحمن وَضْعُ الـ ... كواكبِ بين أحجارٍ وتُرْبِ

فشكرًا للّذي أعطاك منه ... فلو قبل المحلُّ لزادَ ربِّي (١)

فصل

فإذا حصلت هذه الثّلاثة بالسّكينة ــ وهي النُّور والحياة والرُّوح ــ سكنَ إليها العصيُّ، وهو الذي سكونه إلى المعصية والمخالفة لعدم سكينة الإيمان في قلبه، فلما سكنت سكينةُ الإيمان في قلبه صار سكونه إليها عِوَضَ سكونِه إلى الشّهوات والمخالفات، فإنّه قد وجد فيها مطلوبَه، وهو اللّذّة التي كان يطلبها من المعصية، ولم يكن له ما يُعِيضُه عنها. فمنذُ أُنزِلتْ (٢) عليه السّكينة اعتاضَ بلذَّتها وروحها ونعيمِها عن لذّة المعصية، فاستراحت بها نفسه، وهاج إليها قلبُه، ووجد فيها من الرُّوح والرّاحة واللّذّة ما لا نسبةَ بينه وبين اللّذّة الجسمانيّة النّفسانيّة، فصارت لذَّاتُه روحانيّةً قلبيّةً بعد أن كانت جسمانيّةً، فأَسْلَتْه عنها وخلَّصتْه، فإذا تألَّقَتْ بُروقُها قال:


(١) لم أجد الأبيات في مصدر آخر، ولعلها للمؤلف.
(٢) ل: «فهذا نزلت».

<<  <  ج: ص:  >  >>