للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإحسان= وإلّا فهو باطلٌ، فإنّ الرّبّ تعالى لا يُعايِنه في هذه الدّار بصرٌ ولا روحٌ، بل المثال العلميُّ حظُّ الرُّوح والقلب، كما تقدّم.

قوله: (والأرواح إنّما ظهرت وأكرِمتْ بالبقاء، لتعاين سَنَا الحضرة، وتُشاهد بهاءَ العزّة، وتجذِبَ القلوب إلى فناء الحضرة).

يعني: أنّ الأرواح خُلِقت للبقاء لا للفناء، هذا هو الحقُّ، وما خالفتْ فيه إلّا شِرْذِمةٌ من النّاس من أهل الإلحاد القائلين: إنّ الأرواح تفنى بفناء الأبدان، لكونها قوّةً من قُواها، وعَرَضًا (١) من أعراضها.

وهؤلاء قسمان؛ أحدهما: مُنِكرو مَعادِ الأبدان، والثّاني: من يُقِرُّ بمعاد الأبدان، ويقول: إنّ الله يُعِيد قوى البدن (٢) وأعراضه، ومنها الأرواح، فتفنى بفناء الأبدان. فليس عند الطّائفتين روحٌ قائمةٌ بنفسها، تُساكِنُ البدنَ وتُفارِقه، وتتّصل به وتنفصل عنه.

وأمّا الحقُّ الذي اتّفقت عليه الرُّسل وأتباعهم: فهو أنّ هذه الأرواح باقيةٌ بعد مفارقة أبدانها، لا تَفنى ولا تُعدَم، وأنّها (٣) منعّمةٌ أو معذّبةٌ في البرزخ، فإذا كان يوم معاد الأبدان رُدَّتْ إلى أبدانها، فتنعَّم معها أو تُعذَّب، ولا تُعدَم ولا تفنى.

فقوله: (والأرواح إنما ظهرت وأُكرِمت بالبقاء لِتُعايِن سَنا الحضرة)،


(١) ت، ر: «عرض».
(٢) ر: «الأبدان».
(٣) ش: «وإنما».

<<  <  ج: ص:  >  >>