للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد: الأرواح الطّاهرة الزّكيّة، وفي نسخةٍ: (لِتُناغِي سَنا الحضرة)، والأوّل أظهر وألصق بالباب الذي تَرجَمَه بباب المعاينة. والمراد بالحضرة: الحضرة الإلهيّة، وبالسّنا: النُّور الذي يلمع، قال تعالى: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ} [النور: ٤٣]. ومعاينةُ ذلك إنّما هو في الدّار الآخرة، والمعاين هاهنا هو نور المعرفة والمثال العلميِّ.

قوله: (وتُشاهِد بَهاء العِزّة)، البهاء في اللُّغة: الحسن، قاله الجوهريُّ (١)، تقول منه: بَهِيَ الرّجلُ بالكسر وبَهُوَ أيضًا، فهو بَهِيٌّ.

والعزّة يراد بها ثلاث معانٍ: عزّة القوّة، وعزّة الامتناع، وعزّة القهر. والربُّ تعالى له العزّة التامّة بالاعتبارات الثّلاث، ويقال من الأوّل: عَزَّ يَعَزُّ بفتح العين في المستقبل، ومن الثاني: عَزَّ يَعِزُّ بكسرها، ومن الثالث: عَزَّ يَعُزُّ بضمِّها، أَعطَوا أقوى الحركات لأقوى المعاني، وأخفَّها لأخفِّها، وأوسطَها لأوسطها (٢). وهذه العزّة مستلزمةٌ للوحدانيّة، إذ الشّركة تنقُص العزّةَ، ومستلزمةٌ لصفات الكمال؛ لأنّ الشّركة تُنافي كمالَ العزّة، ومستلزمةٌ لنفي أضدادها، ومستلزمةٌ لنفي مماثلة غيرِه له في شيءٍ منها.

فالرُّوح تُعايِن بقوّة معرفتها وإيمانها بهاءَ العزّة وجلالها وعظمتَها، وهذه المعاينة هي نتيجة العقيدة الصّحيحة المطابقة (٣) للحقِّ في نفس الأمر، المتلقّاة من مشكاة الوحي، فلا يَطمعُ فيها واقفٌ مع أقيسة المتفلسفين،


(١) في «الصحاح» (بها). وما بعدها أيضًا منه.
(٢) انظر نحوه في «طريق الهجرتين» (١/ ٢٣١).
(٣) «المطابقة» ليست في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>