للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال صاحب "المنازل" - رحمه الله - (١): (وسرائرُ حقيقة التّوبة (٢) ثلاثةُ أشياء: تمييزُ التَّقِيَّة من العزَّة، ونسيانُ الجناية، والتَّوبةُ من التَّوبة (٣)، لأنّ التّائب داخلٌ في "الجميع" من قوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١]، فأمَر التّائبَ بالتَّوبة).

يريد بتمييز التَّقيّة (٤) من العزَّة: أن يكون المقصودُ من التّوبة تقوى الله، وهو خوفه وخشيته، والقيامُ بأمره واجتنابُ نهيه. فيعملُ بطاعة الله على نورٍ من الله يرجو ثوابَ الله، ويتركُ معصيةَ الله على نورٍ من الله تعالى يخافُ عقابَ الله (٥). لا يريد بذلك عزَّ الطّاعة، فإنَّ للطَّاعة وللتَّوبة (٦) عزًّا ظاهرًا وباطنًا، فلا يكون مقصودُه العزَّة، وإن علِمَ أنّها تحصل له بالطّاعة والتّوبة. فمن تاب لأجل العزّة (٧) فتوبتُه مدخولةٌ.

وفي بعض الآثار: "أوحى الله إلى نبيٍّ من الأنبياء: قل لفلانٍ الزّاهد: أمّا


(١) "منازل السائرين" (ص ١٠).
(٢) يعني: بواطن حقيقة التوبة. وهي غير الظواهر المذكورة من قبل. انظر: "شرح التلمساني" (١/ ٦٤). وبإزاء هذا السطر في هامش الأصل (ق): "بلغ مقابلة وقراءة على مصنفه".
(٣) بعدها في "المنازل": "أبدًا".
(٤) ع: "تمييزُ التقية" بإسقاط "يريد".
(٥) مقتبس من تعريف طلق بن حبيب للتقوى، وسيأتي (٢/ ١٠٢).
(٦) ش: "والتوبة".
(٧) ش: "عزَّة".

<<  <  ج: ص:  >  >>