للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيّاه في كلِّ صلاةٍ، وقال فيه أهل الجنّة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: ٤٣]. وقال تعالى: {(٢٤) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ} [يونس: ٢٥]. فعمّ بدعوة البيان والدّلالة، وخصَّ بهداية التّوفيق والإلهام.

فلو قال الشّيخ رحمه الله تعالى: «ويوجد بتوفيق الله بعد تبصيره» كان أحسن، وهو مراده.

فصل

المسألة الثّالثة: قوله: (وينمو على مشاهدة الشّواهد).

وهذا أيضًا يحتاج إلى أمرٍ آخر، وهو الإجابةُ لداعي الحقِّ. فلا يكفي مجرَّدُ مشاهدة الشّواهد في نموِّه. وكأيِّن من آيةٍ في السّماوات والأرض (١) يمرُّ عليها العبدُ ولا ينمو بها إيمانُه وتوحيدُه. فإذا أجاب الدّاعيَ وتبصَّر في الشّواهد نما توحيدُه وقوي إيمانُه. قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: ١٧]. وقال تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]. وقال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤].

وقد تضمَّن كلامُ الشّيخ ما دلَّت عليه النُّصوصُ واتَّفق عليه الصّحابةُ والتّابعون: أنَّ الإيمانَ والتَّوحيدَ ينمو ويتزايد. وهذا من أعظم أصول أهل السُّنّة الذي فارقوا به الجهميّة والمرجئة.


(١) ظنَّ بعض النساخ المتأخرين والناشرين أنه جزء من الآية ١٠٥ من سورة يوسف، فأكملوا الآية من عندهم، ومنهم مَن زاد بعد «لا ينمو بها»: «ولا يزيد، بل ينقص» كما في ط الفقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>