للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في لزوم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لكلِّ عبد إلى الموت

قال الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: ٩٩]. وقال أهل النّار: {مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦)} [المدثر: ٤٦ - ٤٧]. واليقين هاهنا: الموت، بإجماع أهل التّفسير. وفي "الصحيح" (١) في قصّة عثمان بن مظعونٍ - رضي الله عنه - أنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمّا عثمان فقد جاءه اليقين من ربِّه" أي الموتُ وما فيه.

فلا ينفكُّ العبد من العبوديّة ما دام في دار التّكليف. بل عليه في البرزخ عبوديّةٌ أخرى لمَّا يسأله (٢)

المَلَكانِ: من كان يعبد؟ وما يقول في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ويلتمسان منه الجواب (٣). وعليه عبوديّةٌ أخرى يوم القيامة، يوم يدعو الله الخلقَ كلَّهم إلى السُّجود، فيسجد المؤمنون، ويبقى الكفّار والمنافقون لا يستطيعون السُّجود. فإذا دخلوا دارَ الثّواب والعقاب انقطع التّكليفُ هناك،


(١) أخرجه البخاري (١٢٤٣) من حديث أمِّ العلاء الأنصارية - رضي الله عنها -.
(٢) لمَّا الحينية خاصة بالزمان الماضي، ودخولها على الفعل المضارع لحنٌ تكرَّر في كتب المؤلف. ومنه قوله في النونية (٤٤٢):
لمَّا يناديهم أنا الدَّيَّان لا ... ظلمٌ لديَّ فيسمع الثقلانِ

انظر: تعليقي عليه في "الكافية الشافية" (١/ ١٥٩)، و"الداء والدواء" (ص ١٦١).
(٣) كما جاء في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما -، أخرجه البخاري (١٣٦٩) ومسلم (٢٨٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>