للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال صاحب «المنازل» (١): (باب الاتِّصال. قال الله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: ٨ - ٩] أَيْأَسَ (٢) العقولَ فقطع البحثَ بقوله: {أَوْ أَدْنَى}).

كأنَّ الشيخ فهم من الآية: أنَّ الذي دنى فتدلَّى فكان من محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - (٣) قاب قوسين أو أدنى: هو الله عزَّ وجلَّ. وهذا وإن قاله جماعةٌ من المفسِّرين، فالصحيح: أنَّ ذلك هو جبريل عليه الصلاة والسلام، فهو الموصوف بما ذُكر من أوَّل السُّورة إلى قوله: {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: ١٣ - ١٤]. هكذا فسَّره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: قالت عائشة - رضي الله عنها -: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية، فقال: «ذاكِ جبريل، لم أره في صورته التي خلق عليها إلَّا مرَّتين» (٤). ولفظ القرآن لا يدلُّ على غير ذلك من وجوهٍ:

أحدها: أنَّه قال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: ٥]. وهذا جبريل الذي وصفه بالقوَّة في سورة التكوير، فقال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ}.

الثاني: أنَّه قال: {ذُو مِرَّةٍ} [النجم: ٦] أي: حَسَن الخَلْق، وهو الكريم


(١) «المنازل» (ص ٩٩).
(٢) ت، ر: «آيَسَ»، وهما بمعنى.
(٣) «من محمد - صلى الله عليه وسلم -» ساقط من ت.
(٤) أخرجه مسلم (١٧٧) بنحوه. وهو في البخاري (٣٢٣٥) موقوفًا عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>