للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا دلالة الأسماء الخمسة عليها ــ وهي: الله، والرَّبُّ، والرَّحمن، والرَّحيم، والملك ــ فمبنيٌّ على أصلين:

أحدهما: أنّ أسماء الرّبِّ عزَّ وجلَّ دالّةٌ على صفات كماله، فهي مشتقّةٌ من الصِّفات، فهي أسماءٌ، وهي أوصافٌ. وبذلك كانت حسنى، إذ لو كانت ألفاظًا لا معاني فيها لم تكن حسنى، ولا كانت دالّةً على مدحٍ ولا كمالٍ، ولساغ وقوع أسماء الانتقام والغضب في مقام الرَّحمة والإحسان، وبالعكس؛ فيقال: اللهمّ إنِّي ظلمتُ نفسي، فاغفر لي، إنّك أنت المنتقم! واللهمّ أعطِني، فإنّك أنت الضّارُّ المانع! ونحو ذلك. ونفيُ معاني أسمائه الحسنى من أعظم الإلحاد فيها. قال تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٨٠].

ولأنّها لو لم تدلَّ على معانٍ وأوصافٍ لم يسُغْ أن يُخبَر عنه (١) بمصادرها ويوصف بها، لكن أخبر عن نفسه بمصادرها، وأثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٨]، فعُلِم أنّ "القويّ" من أسمائه معناه: الموصوف بالقوّة. وكذلك قوله: {الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: ١٠]، فالعزيز (٢) مَن له العزّة. فلولا ثبوت العزَّة والقوّة لم يسمَّ قويًّا ولا عزيزًا (٣). وكذلك قوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: ١٦٦]، {أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: ١٤]، {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: ٢٥٥].


(١) ج، ع: "عنها"، وكذا كان في ق، فأصلح.
(٢) ع: "والعزيز".
(٣) ج: "عزيزًا ولا قويًّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>