للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمّة. فأراد أن يكون ذلك الجزء مضافًا إلى ما له من الشّوق الذي يختصُّ به.

فصل

والشّوق أثرٌ من آثار المحبّة، وحكمٌ من أحكامها. فإنّه سفرُ القلب إلى المحبوب في كلِّ حالٍ.

وقيل: هو اهتياجُ القلوب إلى لقاء المحبوب (١).

وقيل: هو احتراقُ الأحشاء، وتلهُّبُ القلوب، وتقطُّعُ الأكباد. والمحبّة أعلى منه، لأنّ الشّوق عنها يتولّد (٢)، وعلى قَدْرِها يقوى ويضعُف.

قال يحيى بن معاذٍ - رحمه الله -: علامةُ الشّوق فِطام الجوارحِ عن الشّهوات (٣).

وقال أبو عثمان - رحمه الله -: علامته حبُّ القرب مع الرّاحة والعافية (٤)، كحال يوسف لمّا أُلقي في الجُبِّ لم يقلْ: «تَوَفَّني»، ولمّا أُدخِل السِّجن لم يقل: «تَوفَّني»، ولمّا تَمَّ له الأمر والنِّعمة قال: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [يوسف: ١٠١].

قال ابن خَفيفٍ - رحمه الله -: الشّوق ارتياحُ القلوب بالوجد، ومحبّة اللِّقاء والقرب (٥).


(١) هذا قول أبي القاسم القشيري في «الرسالة القشيرية» (ص ٦٦٤).
(٢) قاله ابن عطاء، كما في المصدر السابق (ص ٦٦٦).
(٣) المصدر نفسه (ص ٦٦٥).
(٤) المصدر نفسه (ص ٦٦٥). وفيه: «حبُّ الموت مع الراحة». وما بعدها من كلام أبي علي الدقاق في «الرسالة القشيرية» (ص ٦٦٦)، وأوله: «من علامات الشوق: تمنّي الموت على بساط العوافي». والمؤلف جمع بينهما.
(٥) المصدر نفسه (ص ٦٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>