للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفرتها من ضدِّه. قالوا: وهذا ليس الكلامُ فيه، إنَّما الكلامُ في كونِ الفعل متعلِّقًا للمدح والذّمِّ عاجلًا، والثّوابِ والعقابِ آجلًا؛ فهذا الذي نفيناه، وقلنا: إنّه لا يُعلَم إلّا بالشّرع. وقال خصومنا: إنّه معلومٌ بالعقل، والعقلُ مقتضٍ له (١).

فيقال: هذا فرارٌ من الزَّحف، إذ هاهنا أمران متغايران لا تلازم بينهما.

أحدهما: هل الفعلُ نفسُه مشتملٌ على صفةٍ اقتضت حسنه وقبحه، بحيث ينشأ الحسن والقبح منه، فيكون منشأً لهما أم لا؟

والثّاني: أنَّ الثَّوابَ المترتِّبَ (٢) على حسن الفعل والعقابَ المترتِّبَ على قبحه ثابتٌ، بل واقعٌ بالعقل (٣)، أم لا يقع إلّا بالشَّرع؟

ولمّا (٤) ذهبت المعتزلة ومن وافقهم إلى تلازم الأصلين استطلتم عليهم وتمكَّنتم من إبداء تناقضهم وفضائحهم، ولمَّا نفيتم أنتم الأصلَين جميعًا استطالوا عليكم وأبدَوا من فضائحكم وخلافكم لصريح العقل والفطرة ما أبدَوه. وهم غلطوا في تلازم الأصلين، وأنتم غلطتم في نفي الأصلين.

والحقُّ الذي لا يجد التَّناقضُ إليه السَّبيلَ (٥) أنّه لا تلازم بينهما، وأنَّ


(١) انظر: "المحصول" للرازي (١/ ١٢٣)، و"المواقف" للإيجي مع شرح الشريف الجرجاني (٣/ ٢٦٢).
(٢) ج: "المرتب".
(٣) "والعقاب ... بالعقل" ساقط من ج.
(٤) ج: "فلما".
(٥) ج: "سبيلًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>