للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبحانه أمر موسى أن ينظر إلى الجبل حين تجلّى له ربُّه، فرأى أثرَ التّجلِّي في الجبل، فخرَّ صعقًا.

قال الشّيخ (١): (اللّحظ: لَمْحٌ مُسْتَرَقٌ). الصّواب قراءة هذه الكلمة على الصِّفة بالتّخفيف، فوصف اللّمح بأنّه مسترقٌ، كما يقال: سارَقْتُه النّظرَ، وهو لَمْحٌ بخفيةٍ من حيثُ لا يشعر المَلْمُوح.

ولهذا الاستراق أسبابٌ:

منها: تعظيم الملموح وإجلاله، فالنّاظر يسارقه النّظر، ولا يُحِدُّه إليه إجلالًا له، كما كان أصحاب النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا يُحِدُّون النّظر إليه إجلالًا له. وقال عمرو بن العاص: لم أكن أملأ عينَيَّ منه إجلالًا له، ولو سُئلتُ أن أصِفَه لكم لما قدرتُ، لأنِّي لم أكن أملأ عينيَّ منه (٢).

ومنها: خوف الملموح وسطوته.

ومنها: محبّته.

ومنها (٣): الحياء منه.

ومنها: ضعف القوّة الباصرة عن التّحديق فيه. وهذا السّبب هو السّبب الغالب في هذا الباب.

ويجوز أن يُقرأ بكسر الرّاء وتشديد القاف، أي نظرٌ يسترِقُّ صاحبَه، أي


(١) «المنازل» (ص ٨١).
(٢) أخرجه مسلم (١٢١) عنه.
(٣) «منها» ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>