للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانتقام. والواقع شاهدٌ بذلك أيضًا.

فصل

المشهد الثّامن: مشهد الجهاد، وهو أن يشهد تولُّدَ أذى النّاس له عن جهاده في سبيل الله، وأمرِهم بالمعروف، ونهيِهم عن المنكر، وإقامةِ دين الله، وإعلاءِ كلماته.

وصاحب هذا المقام قد اشترى الله منه نفسَه ومالَه وعِرْضه بأعظم الثّمن، فإن أراد أن يُسلَّم إليه الثّمنُ فليسلِّم هو السِّلعةَ ليستحقَّ ثمنَها. فلا حقَّ له على من آذاه، ولا شيء له قِبَلَه، إن كان قد رضي بعقد هذا التّبايع، فإنّه قد وجب أجره على الله.

وهذا ثابتٌ بالنّصِّ وإجماع الصّحابة - رضي الله عنهم -، ولهذا منع النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين من سكنى مكّة أعزَّها الله (١)، ولم يَرُدَّ على أحدٍ منهم داره ولا مالَه الذي أخذه الكفّار، ولم يُضمِّنهم ديةَ من قتلوه في سبيل الله.

ولمّا عزم الصِّدِّيق - رضي الله عنه - على تضمين (٢) أهل الرِّدّة ما أتلفوه من نفوس المسلمين وأموالهم، قال له عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - بمشهدٍ من الصّحابة - رضي الله عنهم -: تلك دماءٌ وأموالٌ ذهبتْ في الله، وأجورُها على الله، ولا


(١) أخرج البخاري (٣٩٣٣) ومسلم (١٣٥٢) من طريق عبد الرحمن بن حميد الزهري قال: سمعتُ عمر بن عبد العزيز يسأل السائب ابنَ أخت النمر: ما سمعتَ في سكنى مكة؟ قال: سمعت العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ للمهاجر بعد الصَّدَر».
(٢) ل: «تضمن».

<<  <  ج: ص:  >  >>