للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال (١): (وهو على ثلاث درجاتٍ. الدرجة الأولى: تجنُّب القبائح لصون النفس وتوفيرِ الحسنات وصيانةِ الإيمان).

هذه ثلاث فوائد من فوائد تجنُّب القبائح.

أحدها: (صون النّفس)، وهو حفظها وحمايتها عمَّا يَشينها ويعيبها ويُزري بها عند الله وملائكته وعباده المؤمنين وسائر خلقه، فإنَّ من كَرُمت عليه نفسُه وكَبُرت عنده صانها وحماها، وزكَّاها وعلَّاها، ووضعها في أعلى المحالِّ، وزاحم بها أهل العزائم والكمالات. ومن هانت عليه نفسه وصغرت عنده ألقاها في الرذائل وأطلق شِناقها وحلَّ زِمامها، ودسَّاها ولم يَصُنها عن قبيحٍ. فأقلُّ ما في تجنُّب القبائح: صون النفس.

وأمَّا (توفير الحسنات)، فمن وجهين:

أحدهما: توفير زمانه على اكتساب الحسنات، فإذا اشتغل بالقبائح نقصت عليه الحسنات التي كان مستعدًّا لتحصيلها.

والثاني: توفير الحسنات المفعولة عن نقصانها بموازنة السيِّئات أو حبوطها، كما تقدَّم في منزلة التوبة (٢) أنّ السيئات قد تُحبِط الحسنات، وقد تستغرقها بالكليَّة أو تَنقُصها، فلا بدَّ أن تُضعفها قطعًا، فتجنُّبها يوفِّر (٣) ديوان الحسنات. وذلك بمنزلة من له مالٌ حاصلٌ فاستدان عليه، فإمَّا أن يستغرقه الدينُ أو أكثرَه، أو يَنقُصه؛ فهكذا الحسنات والسيئات.


(١) «المنازل» (ص ٢٤).
(٢) (١/ ٤٣١ - ٤٣٣).
(٣) ع: «توفير».

<<  <  ج: ص:  >  >>