للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا (صيانة الإيمان)، فلأنَّ الإيمان عند جميع أهل السُّنة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وقد حكاه الشافعيُّ وغيره عن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم (١). وإضعاف المعاصي للإيمان أمرٌ معلومٌ بالذوق والوجود، فإنَّ العبد كما جاء في الحديث: «إذا أذنب نُكِت (٢) في قلبه نكتةٌ سوداء، فإن تاب واستغفر صُقِل قلبُه، وإن عاد فأذنب نكت فيه نكتةٌ أخرى حتَّى تعلوَ قلبَه، وذلك الرَّان الذي قال الله: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤]» (٣).

فالقبائح تسوِّد القلب وتطفئ نوره. والإيمانُ هو نورٌ في القلب، والقبائح تَذهب به أو تقلِّله قطعًا، فالحسنات تزيد نور القلب، والسّيِّئات تطفئ نور القلب. وقد أخبر تعالى أنَّ كسب القلوب سببٌ للرَّان الذي يعلوها، وأخبر أنَّه أركس المنافقين في نفاقهم بكسبهم (٤) فقال: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: ٨٨].

وأخبر أنّ نقض الميثاق الذي أخذه على عباده سببٌ لتقسية القلب فقال: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: ١٣]، فجعل


(١) قول الشافعي أسنده اللالكائي في «شرح السنة» (٥/ ٩٥٦ - ٩٥٧).
(٢) ع: «نكتت».
(٣) أخرجه أحمد (٧٩٥٢) والترمذي (٣٣٣٤) والنسائي في «الكبرى» (١٠١٧٩) وابن حبان (٩٣٠) والحاكم (١/ ٥) من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٤) ع: «أركس المنافقين بما كسبوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>