للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلتم له (١) شركاء؟ أظننتم أنّه محتاجٌ إلى الشُّركاء والأعوان؟ أم ظننتم: أنه تخفى عليه أحوالُ عباده حتَّى يحتاج إلى شركاء تعرِّفه بها كالملوك؟ أم لا يقدر وحده على استقلاله بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟ أم هو قاسٍ فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟ أم ذليلٌ فيحتاج إلى وليٍّ يتكثَّر به من القلَّة ويتعزَّز به من الذلَّة؟ أم محتاج (٢) إلى الولد فيتَّخذ صاحبةً يكون الولد منه ومنها؟ تعالى الله عن ذلك كلِّه علوًّا كبيرًا.

والمقصود: أنَّ التعطيل مبدأ الشِّرك وأساسُه، فلا تجد معطِّلًا إلّا وشركُه على حسب تعطيله، فمستقلٌّ ومستكثر.

فصل

والرُّسل من أوَّلهم إلى خاتمهم (٣) ــ صلوات الله وسلامه عليهم ــ أُرسلوا بالدعوة إلى الله، وبيان الطريق الموصل إليه، وبيان حال المدعوِّين بعد وصولهم إليه. فهذه القواعد الثلاث ضروريَّةٌ في كلِّ ملَّةٍ على لسان كلِّ رسولٍ، فعرَّفوا الربَّ المدعوَّ إليه بأسمائه وصفاته وأفعاله تعريفًا مفصَّلًا، حتّى كأنَّ العباد يشاهدونه سبحانه، وينظرون إليه فوق سماواته على عرشه (٤)، يكلِّم ملائكته، ويدبِّر أمر مملكته، ويسمع أصوات خلقه، ويرى أفعالهم وحركاتِهم، ويشاهد بواطنهم كما يشاهد ظواهرهم، يأمر وينهى،


(١) ر: «معه».
(٢) ت، ر: «يحتاج».
(٣) ر: «آخرهم».
(٤) «فوق سماواته على عرشه» كشطه بعضهم في ش، وقد سبق له نظائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>