للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة: فالقرآن ــ من أوّله إلى آخره ــ يُبطل هذا المذهب ويردُّه، كما تبطله العقولُ والفِطَرُ والحسُّ.

وقد قال بعض أهل العلم (١): الالتفاتُ إلى الأسباب شركٌ في التّوحيد، ومحوُ الأسباب أن تكون أسبابًا تغبيرٌ (٢) في وجه العقل، والإعراضُ عن الأسباب بالكلِّيّة قدحٌ في الشّرع. والتّوكُّلُ معنًى يلتئم من معنى التّوحيد والعقل والشّرع (٣).

وهذا الكلام يحتاج إلى شرحٍ وتقييدٍ. فالالتفاتُ إلى الأسباب ضربان: أحدهما شركٌ، والآخر عبوديّةٌ وتوحيدٌ. فالشِّرك: أن يعتمدَ عليها ويطمئنَّ إليها، ويعتقدَ أنّها محصِّلةٌ للمقصود بذاتها؛ فهو معرِضٌ (٤) عن المسبِّب لها،


(١) عزاه شيخ الإسلام في «بغية المرتاد» (ص ٢٦٢) و «منهاج السنة» (٥/ ٣٦٦) إلى الغزالي وابن الجوزي. ولفظ الغزالي في «الإحياء» (٤/ ٢٤٣): «ملاحظة الأسباب والاعتماد عليها شركٌ في التوحيد، والتناقلُ عنها بالكلية طعنٌ في السنَّة وقدحٌ في الشرع، والاعتمادُ على الأسباب من غير أن ترى أسبابًا تغبيرٌ في وجه العقل وانغماسٌ في غمرة الجهل». وقد نقل شيخ الإسلام هذا النص في مواضع كثيرة من كتبه. انظر: «مجموع الفتاوى» (١/ ١٣١)، (٨/ ٧٠، ١٦٩، ١٧٥، ٥٢٨)، (١٠/ ٣٥، ٢٥٧).
(٢) في النسخ الخطية والمطبوعة: «تغيير» بيائين، وكذا في «بغية المرتاد» و «منهاج السنة» و «مجموع الفتاوى» (٨/ ١٣٩) و «الإحياء» ط دار المعرفة. وهو تصحيفٌ صوابه ما أثبته، وهكذا في إحدى نسخ «منهاج السنَّة» و «مجموعة الرسائل والمسائل» لشيخ الإسلام: نشرة رشيد رضا (٥/ ١٥٨) و «إتحاف السادة المتقين» (٩/ ٣٨٥) ومتن «الإحياء» على هامشه.
(٣) هنا انتهى النقل عن شيخ الإسلام.
(٤) ت: «تعرض»، تصحيف «يعرض».

<<  <  ج: ص:  >  >>