للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا (تزهيده في الخلق على القرب)، أي: وإن كانوا أقاربه ومناسبيه، أو مجاوريه وملاصقيه، أو مُعاشِريه ومخالطيه= فلكمال حذَرِه، واستعداده واشتغاله بما أمامه، وملاحظة الوعيد من أُفقِ ذلك البارق الذي ليس بخُلَّبٍ، بل هو أصدقُ بارقٍ.

ويحتمل أن يريد بقوله (عن قربٍ) أي: عن أقربِ وقتٍ. فلا ينتظر بزهده فيهم أملًا يُؤمِّله، ولا وقتًا يستقبله.

قوله: (ويرغب في تطهير السِّرِّ)، يعني تطهير سرِّه عمّا سوى الله. وقد تقدّم بيانه.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: برقٌ يلمع من جانب اللُّطف في عين الافتقار، فيُنشِئ سحابَ السُّرور، ويُمطِر قَطْرَ الطَّرب، ويجري من (٢) نهر الافتخار).

هذا البرق يلمع من أُفق ملاطفة الرّبِّ تعالى لعبده بأنواع الملاطفات، ومطلعُ هذا البرق: في عين الافتقار، الذي هو باب السُّلوك إلى الله تعالى، والطّريق الأعظم الذي لا يُدخَل عليه إلّا منه، وكلُّ طريقٍ سواه فمسدودٌ. ومع هذا فلا يصل العبد منه إلّا بالمتابعة، فلا طريقَ إلى الله البتّةَ أبدًا ــ ولو تَعنَّى المتعنُّون، وتَمنَّى المتمنُّون ــ إلّا الافتقار ومتابعةُ الرّسول فقط. فلا يُتعِب السّالكُ نفسَه على غير هذه الطّريق، فإنّه على غير شيءٍ، وهو صيدُ الوحوش والسِّباع.


(١) «المنازل» (ص ٧٩).
(٢) «من» ليست في «المنازل».

<<  <  ج: ص:  >  >>