للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشُّهود= كانت العبارة في مرتبة العلم والمعرفة، والإشارة في مرتبة الشُّهود، فإذا وصل إلى مرتبة الوجود انقطعت الإشارات، واضمحلَّت العبارات، فإنّ صاحب الوجود في حضرة الوجود، فما له وما للإشارة؟ إذ الإشارة (١) في هذا الباب إنّما تكون إلى غائبٍ بوجهٍ ما.

قوله: (والثالث: وجود مقام اضمحلال رسمِ الوجود فيه بالاستغراق في الأوَّليَّة (٢)).

هذا كلامٌ فيه قلقٌ وتعقيدٌ، وهو باللُّغز (٣) أشبه منه بالبيان.

وحقيقة هذه الدّرجة: أنّها تَشْغَل صاحبَها بموجوده عن إدراك كونه واجدًا، فلم تبقَ فيه بقيّةٌ يتفطّن بها لكونه مُدرِكًا لموجوده، لاستيلائه على قلبه، فقد قهَرَه ومحَقَه عن شعوره بكونه واجدًا لموجوده، فهو حاضرٌ مع الحقِّ، غائبٌ عن كلِّ ما سواه.

فالدرجة الأولى وجود علمٍ، والثانية وجود عيانٍ، والثالثة وجود مقامٍ اضمحلّ فيه ما سوى الموجود، وهذا معنى (اضمحلال رسم الوجود فيه)، ولهذا قال: (بالاستغراق في الأوَّليَّة (٤))، فإنّه إذا استغرق في شهود الأوَّليَّة اضمحلَّ في هذا الشُّهود كلُّ حادثٍ، والله أعلم.

* * * *


(١) «إذ الإشارة» ليست في ش.
(٢) د: «الأزلية».
(٣) ت: «بالكفر»، تحريف.
(٤) ش، د: «الأزلية» هنا وفيما يلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>