للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: عطش المحبِّ إلى جَلْوةٍ، ما دونها سحابُ علّةٍ، ولا يُغطِّيها حجابُ تفرقةٍ، ولا يُعرِّج دونها على انتظارٍ).

عطشُ المحبِّ فوق عطش المريد والسّالك، وإن كان كلُّ محبٍّ سالكًا، وكلُّ مريدٍ سالكًا، وكلُّ سالكٍ ومريدٍ محبٌّ. لكن خُصَّ المحبُّ بهذا الاسم لتمكُّنه من المحبّة، ورسوخِ قلبه فيها.

والمريد والسّالك يُشمِّران إلى علمه الذي رُفِع إليه (٢) ووصل إليه. ولذلك جعل الأولى لأهل البدايات، والثّانية للمتوسِّطين، والثّالثة: لأهل النِّهايات.

قوله: (عطشُ المحبِّ إلى جلوةٍ ما دونها سحابٌ).

يريد بالجلوة: استجلاء القلب لصفات المحبوب ومحاسنه، وانكشافها له.

وقوله: (ما دونها سحابٌ)، أي لا يسترها شيءٌ من سُحُب النّفس، وهي سُحُب العلل التي هي بقايا في العبد، تحول بينه وبين استجلائه صفاتِ محبوبه وتَعُوقُه عنه. فمهما بقي في العبد بقيّةٌ (٣) من نفسه فهي سحابٌ وغَيْمٌ ساترٌ على قدره، فكثيفٌ ورقيقٌ وبينَ بينَ.


(١) «المنازل» (ص ٧٦).
(٢) ت: «له».
(٣) «تحول ... بقية» ساقطة من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>