للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعلم عنده آلة ووسيلة وطريق توصله إلى مقصده ومطلوبه، فهو كالدليل بين يديه يدعوه إلى الطريق ويدلُّه عليها، فهو يجيب داعيه للدلالة ومعرفة الطريق. وما في قلبه من ملاحظة مقصده ومطلبه من سيره وسفره، وباعث همَّته على الخروج من أوطانه ومُربَّاه، ومِن بين أصحابه وخلطائه، الحامل له على الاغتراب والتفرُّد في طريق الطلب= هو المُسيِّر له والمحرِّك والباعث؛ فلا يجنح عن داعيه إلى اشتغاله بجزويَّاتِ أو أحوال الدليل (١) وما هو خارجٌ عن دلالته له على طريقه. فهذا مقصد شيخ الإسلام ــ إن شاء الله ــ لا الوجه الأوَّل. والله أعلم.

فصل

وأمَّا قوله: (ولا يخضع لرسمٍ)، أي لا يستولي على قلبه شيءٌ من الكائنات، بحيث يخضع له قلبه، فإنَّ صاحب الحال إنَّما يطلب الحيَّ القيُّوم، لا يقف (٢) عند المعاهد والرُّسوم.

وأمّا قوله: (ولا يلتفت إلى حظٍّ)، أي إذا حصل له الحال التامُّ لم يشتغل بفرحه به وحظِّه منه واستلذاذه، فإنَّ ذلك حظٌّ من حظوظ النفس وبقيَّةٌ من بقاياها.

فصل

قال (٣): (الدرجة الثالثة: تهذيب القصد، وهو تصفيته من ذلِّ الإكراه،


(١) ع: «بجزويات أحوال الدليل».
(٢) ع: «لا ينبغي له أن يقف».
(٣) «المنازل» (ص ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>