للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحفُّظُه من مرض الفتور، ونصرتُه على منازعات العلم).

هذه أيضًا ثلاثة أشياء تهذِّب قصده وتصفِّيه:

أحدها: (تصفيته من ذلِّ الإكراه)، أي لا يسوق نفسه إلى الله كَرهًا، كالأجير المسخَّر المكلَّف، بل تكون دواعي قلبه وجواذبُه منساقةً إلى الله طوعًا ومحبَّةً وإيثارًا، كجريان الماء في منحدره. وهذه حال المحبِّين الصّادقين، فإنَّ عبادتهم طوعٌ ومحبَّة ورضًا، ففيها قرَّة عيونهم وسرورُ قلوبهم ولذَّةُ أرواحهم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «وجُعلت قرَّةُ عيني في الصلاة» (١)، وكان يقول: «يا بلال، أرحنا بالصلاة» (٢).

فقرَّة عين المحبِّ ولذَّتُه ونعيمُ روحه في طاعة محبوبه، بخلاف المطيع


(١) أخرجه أحمد (١٢٢٩٤) والنسائي (٣٩٣٩، ٣٩٤٠) والحاكم (٢/ ١٦٠) والضياء (٤/ ٤٢٧، ٥/ ١١٢ - ١١٣) من طريقين عن ثابت عن أنس. وقد ذكر الدارقطني أن حماد بن زيد يرويه عن ثابت مرسلًا، قال: والمرسل أشبه بالصواب. «العلل» (٢٣٨٥). وله طريق آخر عن أنس، ولكنه أعلَّ بالإرسال أيضًا. انظر: «تاريخ بغداد» (١٦/ ٢٨٠) و «المختارة» (٤/ ٣٦٦ - ٣٦٨).
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٠٨٨، ٢٣١٥٤) وأبو داود (٤٩٨٥، ٤٩٨٦) من طريقين عن سالم بن أبي الجعد، ثُمَّ اختُلف عنه، فروي عنه عن رجل من خزاعة سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروي عنه عن عبد الله بن محمد بن الحنفية عن رجل من الأنصار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. رجَّح الدارقطني في «العلل» (٤٦١) الطريق الأول، على أن رواة كليهما ثقات، والذي يظهر أن سالم بن أبي الجعد ــ وهو كثير الإرسال ــ أرسله عن الصحابي مرَّةً وأسنده إليه أخرى. وأما جهالة اسم الصحابي واختلاف الرواة في نسبه فلا يضر. فالحديث صحيح إن شاء الله، وقد صححه الزيلعي في «تخريج الكشاف» (١/ ٦٢) والعراقي في «تخريج الإحياء» (١/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>