للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرهًا المتحمِّلِ للخدمة ثقلًا.

وفي قوله: (ذلُّ الإكراه) لطيفة، وهي أنَّ المطيع كرهًا يرى أنَّه لولا ذلُّ قهره وعقوبةُ سيِّده له لما أطاعه، فهو يتحمَّل طاعته كالمكره الذي قد أذلَّه مُكرِهه وقاهره، بخلاف المحبِّ الذي يَعُدُّ طاعة محبوبه قوتًا ونعيمًا ولذَّةً وسرورًا، فهذا ليس الحامل له ذلُّ الإكراه.

الثاني: (تحفظُّه من مرض الفتور)، أي توقِّيه من مرض فتور قصده وخمود نار طلبه، فإنَّ العزم هو روح القلب ونشاطُه كالصحَّةِ له، وفتورُه مرضٌ من أمراضه، فتهذيبُ قصده وتصفيتُه بحِمْيته (١) من أسباب هذا المرض الذي هو فتوره. وإنَّما يتحفَّظ منه بالحِمْية من أسبابه، وهي أن يلهو عن الفضول من كلِّ شيءٍ، ويحرص على ترك ما لا يعنيه، ولا يتكلَّم إلا فيما يرجو فيه زيادة إيمانه وحاله مع الله تعالى، ولا يصحب إلا من يعينه على ذلك، فإن بلي بمن لا يعينه فليدرأه عنه ما استطاع ويدفعه دفع الصائل.

الثّالث: (نصرة قصده على منازِعات العلم)، ومعنى ذلك نصرة خاطر العبوديَّة المحضة، والجمعيَّةِ فيها، والإقبالِ على الله فيها بكلِّيَّة القلب= على جواذب (٢) العلم، والفكرة في دقائقه وتفاريع مسائله وفضلاته.

أو: أنَّ العلم يطلب من العبد العملَ للرغبة (٣) والرهبة والثواب وخوف


(١) م، ش: «تحميه»، تصحيف.
(٢) ل، ش، ع: «حوادث»، تصحيف.
(٣) «للرغبة» من ع، وبه يستقيم المعنى. وفي الأصل كتب: «للرهبة والرهبة» ثم ضرب على «للرهبة»، ولم يأتِ في سائر النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>