العقاب، فتهذيب القصد: تصفيتُه من ملاحظة ذلك، وتجريده: أن يكون قصده وعبوديَّته محبَّةً لله بلا علَّةٍ، وأن لا يحبَّ الله لما يُعطيه ويَحميه منه، فتكونَ محبَّته لله محبَّة الوسائل، ومحبَّته بالقصد الأوَّل لِما يناله من الثواب المخلوق، فهو المحبوب له بالذَّات، بحيث إذا حصل له محبوبه تسلَّى به عن محبَّة مَن أعطاه إيَّاه، فإنَّ من أحبَّك لأمرٍ ولَّى عند حصوله وملَّك عند انقضائه. فالمحبُّ الصادق يخاف أن تكون محبَّته لغرضٍ من الأغراض، فتنقضي محبَّته عند انقضاء ذلك الغرض.
وإنَّما مراده: أنَّ محبَّته تدوم ولا تنقضي أبدًا، وأن لا يجعل محبوبه وسيلةً له إلى غيره، بل يجعل ما سواه وسيلةً له إلى محبوبه. وهذا القدر هو الذي حام عليه القوم (١) وتكلَّموا فيه وشمَّروا إليه، فمنهم من أحسن التعبير عنه، ومنهم من أساء العبارة وقصدُه وصِدقُه يُصلح فسادَ عبارته. ومن النَّاس من لم يفهم هذا كما ينبغي، فلم يجد له ملجأً غير الإنكار، والله يغفر لكلِّ من قصدُه الحقُّ واتِّباعُ مرضاته، فإنَّه واسع المغفرة.