للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الرغبة؛ قال الله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: ٩٠].

والفرق بين الرجاء والرغبة أنَّ الرجاء طمعٌ والرغبةَ طلب، فهي ثمرة الرّجاء، فإنَّه إذا رجا الشيء طلبه. والرغبة من الرجاء كالهرب من الخوف، فمن رجا شيئًا طلبه ورغب فيه، ومن خاف شيئًا هرب منه (١).

قال صاحب «المنازل» (٢): (الرغبة هي من الرجاء بالحقيقة، لأن الرجاء طمعٌ يحتاج إلى تحقيقٍ، والرغبة سلوكٌ على التحقيق).

أي الرغبة تتولَّد من الرجاء، لكنَّه طمعٌ وهي سلوكٌ وطلبٌ.

وقوله: (الرجاء طمع يحتاج إلى تحقيق)، أي طمعٌ في مُغيَّبٍ عنه مشكوكٍ في حصوله له، وإن كان متحقِّقًا في نفسه، كرجاء العبد دخول الجنّة، فإنَّ الجنَّة متحقِّقة لا شك فيها، وإنَّما الشك في دخوله إليها وهل يوافي ربَّه بعملٍ يمنعه منها أم لا؟ بخلاف الرغبة فإنها لا تكون إلَّا بعد تحقُّق (٣) ما يُرغب فيه، فالإيمان في الرّغبة أقوى منه في الرجاء، فلذلك قال: (والرغبة سلوك على التحقيق).


(١) زيد في ع: «والمقصود أن الراجي طالب، والخائف هارب».
(٢) (ص ٢٧) ولفظه: «الرغبة أَلحَقُ بالحقيقة من الرجاء». وما ذكره المؤلف أشبه بما عند التلمساني في «شرحه» (ص ١٥٩).
(٣) ل: «تحقيق».

<<  <  ج: ص:  >  >>